هذه الدنيا
وهذه حقيقتها , سريعة الإنقضاء كالسراب أو كالسحاب الذي يمر بلا شعور من أحد
!نسرح فيها ونمرح ! ونجري فيها ونكدح !سرور يعقبه كدور ! ونكد يتلوه حبور
آمال نرجوها , وأهداف نبغيها , وغايات نبصرها تترائى من بعيد
تهفو إليها نفوسنا , وتطير إليها أفئدتنا لكنها الحقيقة المرة ! التي تقطع هذه الآمال ! وتسلب هذه الغايات!
فجأة
: ينتهي كل شيء , ويستدل الستار , وتضيع الأفكار
اخوتي
تأملت فإذا الموت نهايتي , وأني لابد أن أشرب من كأسه وأتذوق طعمه , لا محالة
وتذكرت أن وراءه ماوراءه من أهوال وأحوال, وشدائد وبلاءات
فقررت أن أرحل بفكري إلى هذه المشاهد قبل أن أرحل إليها ببدني
وشدني لهذه الرحلة المخيفة الجليلة :أنها وصية الحبيب الكريم صلى الله عليه وسلم حيث قال:
( أكثروا من ذكر هادم اللذات الموت )وأنها دأب وعادة الصالحين من أمتي العظيمة!
الرحلةهالني والله يوم تذكرت هول المطلع ! وخروج الملائكة أمامي
انتهت صور الدنيا من عيني ! فلم أعد أرى إلا ملائكة ربي
أأصيح بأهلي أم أنادي أولادي الصغار !أريدهم فلا أجدهم , أبحث عنهم وأنا بينهم فلا أراهم
ماهذه المخلوقات؟ ومالذي يريدون؟ وماهذا الشيء الذي معهم؟
آهـ تذكرت
تذكرت ذنوبي ,
وتقصيري في حق ربي,
أريد أن أستدرك ولكن فات الوقت!
أريد أن أعتذر لمن أسأت إليه بل للجميع ولكن حان الوداع!
وفاتت فرصة الاستدراك بلا ندم ولا اصلاح كتبت الزلات ودونت ,
وغرني حلم الله , وستره وصبره!أمهلني ودعاني الى التوبة , وذكرتني المواعظ والمواقف!
ولم يبق لي الا الرجاء والنظر الى رحمة الله!وهاأنا أنتظر البشرى برحمة الله بالمفغرة والرحمةوإن كانت الأخرى فياحسرة لا تنقضي ,وياغصة لا تنتهي!ياألله : كيف ستخرج روحي ؟
وكيف سأخلع جلباب الحياة وألج لعالم آخر؟من سيحملها ؟ وماهو مركبها وهي تصعد وتصعد إلى عالم السموات؟
هل سيثبت قلبي الذي عرفته بالضعف والهلع؟
ومالذي سيحدث لجسد طالما اعتنيت به , رعيته ودللته وأرخصت له الغالي؟
واااحياااءااااه:من هذه المرأة التي تقلبني وتأتي يدها على ماتشاء من جسدي بلا رقيب ولا ممانعة؟
وماهذه المياه التي تتدفق مع السدر عليّ؟ ماذا يريدون؟
ولماذا ترسل عليّ هذه الثياب التي خلت من الموديلات واللمسات
أهلي وإخواني وأولادي الصغار : هذا خالد وهذا أخوه؟لماذا يصفون ويكبرون ؟ وماهذه الجموع؟
لماذا لا تأتي إلي ياحبيبي خالد ؟ أنت وأخوك؟
وأين بنياتي الصغيرات؟تعالوا ألست أمكم؟أين يذهبون بي ؟ ولماذا يحملونني؟
وماهذه الحفرة المظلمة ؟ياألله لماذا تضعونني بها ؟ يكاد الخوف يقتلني؟ والمنظر يرعبني؟
كفى ياخالد أنت وأخوك !! كفى ياأبا خالد!لماذا تهيلون علي التراب ؟أين أنتم؟ لم أعد أسمع إلا قرع نعالكم!!
وواحشتاه , وااارباااه لم يعد لي إلأا أنت ياربي !
لمثل هذا أرجوك ! ولمثل أدعوك!
واامصيبتااه: من هذين المنكرين؟ ولماذا يزجرونني وأنا الضعيفة؟
وأنا الوحيدة الفريدة؟أين الأب الشفيق ؟ أين الأم الرحيمة؟ أين الزوج الودود؟
رحمااك ربي
إلى هنا ولم أطق أن أكمل
وتذكرت حديث الحبيب( القبر أول منازل الآخرة فإن كان يسيرا فمابعدهأيسر منه وإن عسيرا فمابعده أشد منه)
وتذكرت بكاء عثمان رضي الله عنه على حافة القبر ويذكر حديث حبيبه
( القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار)
عدت من هذه الرحلة والتي يمكن العودة منها وليست كالرحلة الحقيقية
قررت أن أستدرك وأن أصحح وأن أتجافى عن هذه الدنيا الخداعة
أخلاقي سأهذبها, وذنوبي بالتوبة أغسلها.
عباداتي رأس مالي ورفيقتي في سفري فسأصرف لها الهمة
وأدعو الله أن يصلح حالي وأن يعينني
لسماع فرشي التراب-
-كتبته بنت عتيبة الموحدة-